27‏/02‏/2007

رجاءً لا تخالف سائق الباص


Something nice I found on alrai.com for dr.reem marayat
taken from ( http://www.alrai.com/pages.php?opinion_id=4086 )


أولويات
 

يوما ما، اوقف شرطي مرور حافلة على الخط الصحراوي تقل طالبات جامعيات كن في طريقهن الى اماكن سكنهن في محافظات بعيدة، ولما كان السائق يستغل حاجة الطالبات الى وسيلة نقل مؤمنة في نهاية الاسبوع حيث الازمة على أشدها، فقد زج في حافلته عددا يفوق ما تستطيع حمله بكثير!

تفاجأ السائق بالدورية وهي توقفه، فتلكأ في النزول، وامتدت اصابعه تبحث عن الرخص فوق الباب ومقدمة الحافلة، وفي هذه الاثناء، استعطف عددا من الطالبات الجالسات في المقاعد الامامية لتقديم المساعدة، فقمن باقناع احداهن بالنزول والتفاوض مع الشرطي وتبرير الحمولة الزائدة غير اللائقة من حيث تقاسمت كل ثلاث طالبات في الحافلة مقعدين في سفر استمر لساعات!

استمع الشرطي (للمقطوعة) بوعي، وحين ادرك ما نزلت لأجله سألها وبهدوء بالغ:

- أأنت طالبة في الجامعة؟

قالت: نعم.

فرد باستغراب: طالبة في الجامعة وتطلبين مني عدم مخالفة سائق يعتدي على حقك وحق زميلاتك في الخدمة اللائقة، أأنت مقتنعة بذلك؟ اذا كنت مقتنعة انه لا يستحق المخالفة سألغيها؟!

تسمرت في مكانها للحظات، أحست فيها كأن احدهم قد دلق فوق رأسها دلوا من المياه الباردة، ثم كأنها استيقظت للتو من كابوس مزعج، فانسحبت بصمت دون ان تنبس بكلمة، وعادت الى الحافلة المكتظة وهي تشعر بولادة شيء ما في داخلها!

أحنت رأسها من وراء الزجاج، ثم نظرت الى اليمين باعجاب حيث يقف الشرطي وهو يحرر المخالفة، ارادت ان تشكره ولكن الحافلة انطلقت من جديد، فابتسمت في سرها، وحين تأملت المشهد كاملا رفعت رأسها وضحكت: كانت كلمات قليلة لشرطي سير على الطريق الطويل ابلغ مما تعلمته لسنوات في الجامعة!

الاحساس بالكرامة شيء عظيم للمواطن، ولا اظنه يأتي اعتباطا، والكرامة كلمة كبيرة تستدرج جملة من المعاني والمفردات العظيمة مثل الاحساس بالذات وتقديرها، وهذه ليست مهمة التربويين وحدهم، وانما يمكن ان تتحقق من خلال مؤسسات الدولة كلها باطمئنان المواطنين في تلبية حاجاتهم الاساسية كالصحة والتعليم، والحصول على الخدمة اللائقة بعيدا عن الجهوية والواسطة والمحسوبية، وادراكهم ان حقوقهم محفوظة ومصونة وأن ما هو مطلوب منهم هو المشاركة الفعلية وليست الكلامية في التنمية والنهضة والتطوير والاصلاح وبناء الاردن الحديث.

وهذا كله يمكن ان يتحقق باعادة بناء الثقافة التي من شأنها ان تخلق في نفوس الناس الانتماء والمواطنة الصالحة، وتعطي الامل بالمستقبل للأجيال القادمة، وتجعل الناس يبتعدون عن العمل ضد انفسهم وضد مصالحهم الوطنية بترسيخ قيم الحوار والديمقراطية، وهذه وما سبقها من قضايا اولويات اظنها لن تفوت المجتمعين في قصر الملك الحسين للمؤتمرات.

reemmr42@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق